مشهد "1"- نهار داخلي.. صالة منزل مصري "عن حالة موجودة في الواقع"
أم نادر تستعد للذهاب إلى عملها في المستشفى -تمرجية- تعمل بالإضافة لعملها الرسمي "خبّازة".. تسأل زوجها برعي عن الذي يحتاجه قبل أن تخرج(!) -زوجها عاطل كان عاملاً واكتفى بعمل امرأته فيما بعد- ومتزوج بأخرى!
أم نادر بصوت أمومي دافئ:
مش عايز حاجة مني، آه النهارده أول الشهر ولازم أجيب لك "أروصة" السجاير اللي باجيبهالك بالجملة..
برعي:
كويس إنك فاكرة.. باقول لك عايز كمان كيلو برتقان..
تقاطعه أم نادر ببراءة، تنطلق منها الكلمات سريعة:
بس البرتقان لساه بشاير يا برعي، حادق ومر عليك طعمه يا خويا..
يرمي "برعي" كوب الشاي بعصبية، فينكسر وتتطاير بقاياه..
أم نادر وهي تلملم بقايا الكوب:
كده يا برعي؟.. ده أنا قايدة لك صوابعي العشرين شمع..
برعي "يهم بالقيام إليها":
شمع مين يا...؟ بتعمل لي سبوع؟!
أم نادر (بفزع):
حاسب يا خويا.. البس شبشب ف رجلك لتنجرح.. سبوع إيه ده فشر، ده إنت زينة الرجال، هدي أخلاقك كده
برعي (بعصبية):
أنا قلت برتقان يعني برتقان.. "يعطس" عايزاني أموت يا ولية؟
أم نادر:
بعد الشر عنك يا برعي.. بس إيه الحكمة في البرتقان.. إشمعنى؟
برعي:
أنا سمعت كده في برنامج "المرأة السعيدة" على التليفزيون، لو عندك برد لازم تاكل برتقان عشان فيه فيتامين "شين"..
أم نادر (منبهرة):
وماله.. صحيح العلم نور..!
******
مشهد (2) -نهار داخلي- المستشفى
تدخل أم نادر محيية زميلاتها.. تلاحظ بكاء زميلتها "مديحة" -ممرضة- تسألها ملتاعة:
مالك يا مديحة؟!.. خير كفالله الشر؟!
مديحة (بصوت متهدج):
بس العيشة بقت صعبة قوي.. أنا هاتطلق!
تشهق أم نادر كأن أحداً ضربها بخنجر:
- يا لهوي!.. يا سنة سوخة!.. طلاق إيه هو حد لاقي رجالة في الزمن ده؟!
مديحة (بعصبية):
يا سلام رجالة!.. راجل إيه لما ياخد المرتب ما يصرفش ولا مليم، وفي الآخر يقول لي.. هو أنا سايبك تشتغلي عشان تثبتي ذاتك؟! أنا سايبك عشان "الرجال قوامون على النساء"، يعني الراجل (يقوم) يخلي مراته تعمل اللي على مزاجه؛ لأن وقتي ملكه يصرفه زي ما يحب! مع إني سمعت شيخ الجامع بيقول إن حرام اللي ياخد فلوس مراته ويصرفها أو يخليها تصرف غصب.. ولما قلت له كده، قال لي: ده شيخ زنديق شغال تبع الحكومة!
أم نادر (مربتةً على كتفها):
معلش ولا يهمك.. لازم تكوني عاقلة، طيب ما أنا أهو شغالة شغلانتين وهو متجوز عليّ كمان، بس كفاية قوي إني بارجع البيت وألاقي فيه راجل.. وأهو على رأي المثل "ضل راجل..
مديحة (مقاطعة):
هاتقولي ولا ضل حيطة.. بلا هم!
أم نادر:
أيوه.. والله يرحمه الجدع اللي قال: "راجل في اليد.. ولا عشرة مترميين على الرصيف"!
******
قرأنا المشهدين، بوجهتي نظر متناقضتين.. بس فعلاً موجودين في الواقع...
فيه ستات فعلاً زي "أم نادر".. راضيين وساكتين.. وستات تانية مش راضية بالوضع، وقد تكون محتملة من أجل الأولاد والظروف الاجتماعية..
زمان كان مصطلح "المرأة المُعيلة" يطلق على المرأة التي رحل عنها زوجها.. أو تحملت مسئولية الأسرة بسبب مرض مفاجئ للزوج.. وهذا وضع لا ذنب للرجل فيه..
لكن انتشرت هذه الأيام موضة المرأة المسئولة عن البيت مع توفر الصحة والقدرة على العمل لزوجها.. هؤلاء الأزواج يرون أن الوضع عادي، وإلا لماذا اختارها قبل الزواج "امرأة موظفة" تخفف عنه؟!
بالمناسبة هذا الوضع ليس منتشراً فقط لدى نساء الطبقة الفقيرة من عديمات المؤهلات العلمية، بل متواجد بقوة مع نساء لديهن مؤهلات علمية ووظائف مرموقة..