موقف الوفاة بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الحارث بن عمير الأزدي رسولاً إلى ملك بصرى من أرض الشام يدعوه إلى الإسلام، فما كان من ملك بصرى إلا أن قتل رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم الناس للخروج ومقاتلة الروم، فسرعان ما اجتمع عند النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة آلاف مقاتل، فعقد الراية لثلاثة منهم وجعل إمرتهم بالتناوب، فقال صلى الله عليه وسلم:(إن أصيب زيد بن حارثة فجعفر بن أبي طالب فإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة)، فتجهز الناس وخرجو، وكان ذلك يوم الجمعة من السنة الثامنة للهجرة النبوية، وودعهم المسلمون قائلين: " صحبكم الله، ودفع عنكم، وردكم إلينا صالحين، فقال عبد الله بن رواحة:
لكنني أسأل الرحمن مغفرة
وضربة ذات فرع تقذف الزبدا
أو طعنة بيدي حران مجهزة بحربة تنفذ الأحشاء والكبــدا
حتى يقال إذا مروا على جدثي يا أرشد الله من غاز وقد رشدا
وسار المسلمون حتى نزلوا معانا- اسم قرية - من أرض الشام، فبلغهم أن هرقل قد نزل مآب من أرض البلقاء في مائة ألف من الروم، وانضم إليه مائة ألف أخرى من القبائل العربية الموالية له كلخم، وجذام، وبلقين، وبهراء، فاجتمع لهرقل مائتي ألف مقاتل، فعقد المسلمون مجلسا للتشاور، فقال بعضهم: نكتب للنبي صلى الله عليه وسلم نخبره بعدد عدون، فإما أن يمدنا بالرجال، وإما أن يأمرنا بأمره فنمضي له، فقام عبد الله بن رواحة رضي الله عنه، وقال لهم: يا قوم والله للذي تكرهون للذي خرجتم تطلبون الشهادة، ما نقاتل الناس بعدد، ولا عدة، ولا كثرة، ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به، فانطلقوا فإنما هي إحدى الحسنيين، إما ظهور، وإما شهادة، فقال الناس: صدق والله ابن رواحة، فمضوا حتى إذا قاربوا البلقاء - منطقة بالشام -، لقيتهم جموع هرقل من الروم والعرب بقرية يقال لها مشارف، فدنا العدو وانحاز المسلمون إلى قرية يقال له: مؤتة وتسمى اليوم بالكرك، فالتقى الناس عنده، فتجهز المسلمون وجعلوا على ميمنة الجيش قطبة بن قتاة رجل من بني عذرة، وعلى الميسرة عباية بن مالك رجل من الأنصار.
والتحم الجيشان وحمي الوطيس، واقتتلوا قتالا شديد، وقتل أول قادة المسلمين زيد بن حارثة رضي الله عنه، مقبلاً غير مدبر، فأخذ الراية جعفر بن أبي طالب بيمينه، وأخذ ينشد: يا حبذا الجنة واقترابها طيبة وبارد شرابها
والروم روم قد دنا عذابها كافرة بعيدة أنسابها
علي إن لا قيتها ضرابها
فقطعت يمينه رضي الله عنه، فأخذ الراية بشماله فقطعت، فاحتضنها بعضديه حتى قتل رضي الله عنه وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة فأثابه الله بذلك جناحين في الجنة يطير بهما حيث شاء ويقال إن رجلا من الروم ضربه يومئذ ضربة فقطعه نصفين، فأخذ الراية عبد الله بن رواحة رضي الله عنه، ثم تقدم بها على فرسه فجعل يستنزل نفسه، ويقول:
أقسمت يا نفس لتنزلن_ لتنزلنه أو لتكرهنه
إن أجلب الناس وشدوا الرنة_ ما لي أراك تكرهين الجنة
قد طال ما قد كنت مطمئنة_ هل أنت إلا نطفة في شنة
ثم تقدم رضي الله عنه فقاتل حتى قتل،
الرسول يتنبأ بما حدث:
قال ابن إسحاق ولما أصيب القوم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني أخذ الراية زيد بن حارثة فقاتل بها حتى قتل شهيدا ثم أخذها جعفر فقاتل بها حتى قتل شهيدا قال ثم صمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تغيرت وجوه الأنصار وظنوا أنه قد كان في عبد الله بن رواحة بعض ما يكرهون ثم قال ثم أخذها عبد الله بن رواحة فقاتل بها حتى قتل شهيدا ثم قال لقد رفعوا إلى الجنة فيما يرى النائم على سرر من ذهب فرأيت في سرير عبد الله بن رواحة ازورارا عن سريري صاحبيه فقلت عم هذا فقيل لي مضيا وتردد عبد الله بعض التردد ثم مضى
وكان استشهاده رضي الله عنه في العام الثامن الهجري..
ودفن في بلدة مؤتة إلى الجنوب من مدينة الكرك وتبعد عنها حوالي 12 كيلو متر ويبلغ ارتفاعها عن سطح البحرحوالي0 130م. وموقعها تاريخيا ودينيا مشهور حيث حصلت على أرضها أول معركة إسلامية معركة مؤته. ويوجد بها موقع اثري ديني وهو المشهد رمز معركة مؤته ويبين مكان استشهاد جعفر الطيار والى الجنوب منه بحـوالي 1000 متر يوجد مكان آخر يقال انه مكان استشهاد عبد الله بن رواحه. والى الجنوب من مؤته بمسافة 2 كيلومتر توجد مدينة المزار التي تحتوي قبور الصحابه من شهداء معركة مؤته وهم: جعفر بن أبي طالب و زيد بن حارثة و عبد الله بن رواحة رضوان الله عليهم..
المشهد:
يقع المشهد في مؤتة وعلى بُعد كيلو متر واحد إلى الشرق من الشارع العام المؤدي إلى بلدة المزار المشهد مقام على مساحة من الأرض قدرها 34375م2 والموقع عبارة عن تلة صغيرة من الحجارة والتراب يظهر في أعلاها بقايا قوس، في داخل قبة المقام بني ضريح من المرمر لجعفر الطيار كدليل على المكان الذي استشهد فيه (وهذا الضريح هو بناء رمزي)، أمّا بالنسبة إلى رفات الشهيد جعفر الطيار فهي مدفونة في المزار ، وإلى الجنوب من المشهد بما يقرب من 500م يقع مسجد عبد اللّه بن رواحة في الموقع الذي استشهد فيه، وكذلك قبر زيد بن حارثة...
وغدا مع صحابي جديد
تحياتى
امير القلوب