( واَسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ) الأعراف /163 .
( وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) الأعراف 164 .
( فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ ) الأعراف 165 .
( فَلَمَّا عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ) الأعراف 166 .
الخطاب في الآية الشريفة السابقة موجه لنبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم من قبل الله تعالى ليجدد الخاطرة في أذهان يهود عصره عن طريق السؤال حول الجماعة التي كانت تعيش على ساحل البحر وكانوا قد كُلّفوا بالتفرغ للعبادة في يوم واحد من أيام الأسبوع ليمارسوا طقوسهم الدينية وأن يكفوا عن الكسب والانشغال بالأعمال اليومية ولكنهم لم يمتثلوا لأوامر خالقهم وتجاهلوها فلا قوا مصيرهم المشؤوم . فلو تمعنا في الآيات الشريفة لوجدنا أن الآية قد جسدت لنا جماعات نستطيع تقسيمها إلى ثلاث فئات .
الفئة الأولى :
التي خالفت أوامر الله وراحت تصطاد حتى في اليوم الذي أمرهم الله فيه بالعبادة وهو يوم السبت حسب ما ذكرته الآية الشريفة .
الفئة الثانية :
جماعة قدّموا النصح للمخالفين وذكّروهم بأمر الله فكانوا مؤمنين بأوامر الله فأصبحوا هم الثلة المؤمنة التي تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر .
الفئة الثالثة :
جماعة المتفرجين الذين سكتوا ولم يجابهوا العصاة ولم يكونوا في صف الفئة الثانية التي تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر فهؤلاء غلب عليهم حب الدنيا فنسوا الله وأمره فأنساهم أنفسهم نفهم من تلك القصة :
أن نسيان أمر, التناسي عن التذكير بأمر الله سبب في نزول العقاب الإلهي . العصاة بدأوا بوضع شباكهم يوم السبت الذي يكثر فيه تواجد السمك وتجتمع الأسماك في الشباك ليصطادوه يوم الأحد بطريقة التحايل على الأمر الإلهي ولم ينتهوا عندما نهاهم المصلحون منهم وسكتت الفئة الثانية عن ما كان يعمل العصاة .
( فلما نسوا ما ذكروا به ) أنزل عليهم العذاب الإلهي وهم فئة الأولى العصاة .
ثم نتابع الآية التي تقول :
( أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ) الأعراف 164.
وهم الفئة الثانية التي أمرت بالمعروف ونهت عن المنكر .
وأصحاب الهلاك الفئة الأولى العصاة0 والفئة الثانية الساكتين .
بعد نزول الهلاك والعذاب بالفئتين المذكورتين العصاة و والمتفرجين الذين سكتوا عن عصيان الفئة الأولى أصيبوا بعقوبة المسخ والهلاك . تقول الآية الكريمة ( فَلَمَّا عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ) الأعراف.
وهذا المسخ والتحول الجسماني يتناسب مع الأعمال التي قام بها الأشخاص في جماعة العصاة الذين سلكوا سبل الطغيان تحت ضغط الهوى والشهوة .
وجماعة المتفرجين الذين تلوثت حياتهم بأدران الذنوب على أثر التقليد الأعمى وكل فئة أصابتها العقوبة بشكل متناسب مع أعمالهم .
ونلاحظ أن في هذه الآية الشريفة سنة إلهية عامة وهي أن عدم ردع الظالمين ومنعهم عن ظلمهم بوعظهم أو بمنعهم لترك المعصية يعتبر مشاركة وتأييد لهم بفعل المعصية ولذلك العذاب الإلهي يعم العصاة والساكت ين عنهم ( فيجب أن لا يسكت ولا يتوقف الإنسان المؤمن الواعي عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر0 أن الحياة لا تستقيم إلا بهذه الرحمة الإلهية التي تأخذنا نحو التكامل المنشود منا والمطلوب من الله سبحانه وتعالى
اخوكم
احمد حمدي