عاشق ينتقم من محبوبته بماء النار، بلطجي يشوه وجه المارة للاستيلاء على أموالهم، سائق التوك توك يهدد فتاة بماء النار إذا لم يغتصبها، كانت هذه طائفة من عناوين صفحات الحوادث خلال الفترة الماضية والتي تعبر عن جرائم انتقام بشعة والذي يجمعها اسم واحد لأداة الجريمة هي ماء النار التي تكمن خطورتها في مفعولها المدمر وإمكانية شرائها حتى من عند البقال.
والمعروف أن الانتقام غريزة بشرية توجد داخل كل إنسان حينما يتعرض لأي موقف يعتبره من وجهة نظرة الشخصية إهانة و ظلم له ، مما يجعل بعض أصحاب النفوس الضعيفة يجعلون من أنفسهم قضاة والهة يحاكمون بأي شكل من أشكال الانتقام المتعددة ، فهناك من يقدم على القتل أو السرقة أو الاغتصاب أو الخطف كنوع من الانتقام والأخذ بالحق وربما من أصعب أنواع الانتقام وأكثرها بشاعة وانتشارا خلال السنوات الأخيرة هو الحرق بماء النار، وهي مادة كاوية حارقة تسلخ اللحم عن العظام وتحلل أعضاء الوجه.
ولا تخلو هذه الأيام من قصص مؤلمة يسطرها الواقع, تحولت إلى كوابيس مرعبة, وتحول أبطالها إلى جثث متحركة تدعو بعض من الناس الى النفور منهن والاشمئزاز والبعض الأخر الى الشفقة ، فالحرق بمية النار يكون حكم العاشق على محبوبته , حكم الخاطب على خطيبته والزوجة على زوجها ، وآخر تلك الحوادث كان اقدام عاطل على تشويه جسد خطيبته "هبة حسنى 27 سنة" بماء النار عقب رفضها اتمام الارتباط به مما ادى الى اصابتها بحروق متفرقة بانحاء جسدها وتشوهات بالوجه.
هبه حسني
وقالت الضحية هبة لبرنامج " صبايا " المذاع على قناة "المحور" ان المجرم كان يوهمها انه يعمل فى منصب حساس فى الدولة وعندما اكتشفت كذبه وانه من اصحاب السوابق ردت له شبكته " خاتم الخطبة " فما كان منه الا ان انتظرها صباح يوم اثناء توجهها الى عملها والقى عليها " برطمان" ماء نار ولم تدر بنفسها الا وهى تصرخ بشدة والدخان يتصاعد من وجهها ، وفر المجرم هاربا وحتى الان لم يفلح رجال الشرطة فى القاء القبض عليه .
وفجرت والدة ووالد الضحية مفاجاة عندما قالا ان المجرم اتصل بهم عقب الحادث بيومين ليبدي ندمه ويطمئن على هبة وطلبا منه ان يحضر اليهم لكى يزوجاها له لكن والدها اباح بما فى داخله قائلا " كنت محضر له جركن ماء نار القيه عليه من حرقتى على بنتى ".
استطلاع لبعض الحوادث المشابهه :
يقول نادر احمد 24 عاما محامي :" بالطبع الانتقام من الأشياء الخطيرة التي تدمر صاحبها قبل غيره ، وبالطبع هو يوجد لدى أصحاب النفوس الضعيفة الذي يبتعدون عن الله مما يجعلهم ضعفاء أمام هواجس الشيطان ".
"الدنيا لما تسود فى عين الواحد يعمل اى حاجة " قالها علاء الدين فى الاربعينات "صاحب محل ملابس " معقبا :" الإنتقام شىء سىء للغاية ، ولكن أحيانا الإنسان يتعرض لظروف قد تجعل الدنيا سوداء في عينه فيبدأ التفكير في شىء يشفي غليله ممن ظلموه دون أن يفكر في مصيره بعد أن يقدم على الانتقام ، أنا في بداية حياتي كنت اعمل في إحدى الشركات وكان المدير دائم الاضطهاد لي ويتهمني بالتقصير الدائم وكنت دائما افكر أنه لو فصلني سأدمر له سيارته وبالطبع لم افعل ولكنه تفكير وراودني وقتها والحمد لله ربنا تاب على وبشتغل دلوقتي حر مع نفسي".
ويدعو أحمد سعيد "صيدلي" الله بالهداية قائلا :" كفانا الله شر أنفسنا وبعد عننا الحقد والضغينة ، لأن الإنسان لو تعرض لموقف يكون من وجهة نظره هو ظلم ـ وربما لا يكون ظلم على الإطلاق ـ يجعل من نفسه قاضيا ويصدر حكمه القاسي على من ظلموه ، والأخطر من ذلك لو كانت الضحية التي سينتقم منها الشخص لم تتعرض له بالظلم مطلقا مثل فتاة تقدم لها شخص ورفضته أو فتاة فسخت الخطوبة لعدم قدرتها على الاستمرار أو زوجة فضلت الإنفصال على الاستمرار في حياة زوجية فاشلة وغيرها من الحالات فيدفع المجني عليه ثمن شىء لم يرتكبه ".
وتقول صفية فكري 31 عاما اخصائية إجتماعية :" النشأة والتربية هى المسئول الأول عن تشكيل سلوكيات الأفراد ، و الوازع الديني إذا قوي في تربيتنا لأبنائنا لن يكون العنف مطلقا سلوكهم ، فالطبع الحرق بماء النار من أكثر وأخطر انواع العنف فهو يدمر حياة إنسان ويشوه معالمه ويجعله يعيش باقي حياته مشوها ويائسا ويزرع بداخله هو الأخر الرغبة في الإنتقام ـ فالإنتقام لا يولد إلا انتقام مثله ".
"كنت محروقة قوى من صديقة جوزى" قالتها نورا عبد الله 45 عاما ربة منزل واضافت :" فكرة الإنتقام موجودة بداخل كل إنسان لكنها تظهر وقت يشعر بظلم معين ، فأنا كنت اعلم أن زوجي على علاقة بأخرى وكنت دائما اشعر بنار تحرقني من الداخل خاصة إني أحبه جدا لدرجة الجنون وعندما فكرت في الإنتقام كنت دائما أفكر في الإتنقام منها هي وفكرت أن ارسل لها ناس يضربوها علقة سخنة لكني دائما كنت اخاف من رد فعله هو ولا اعلم لما لم افكر في الإنتقام منه هو لانه هو الذي خانني وجرحني ".
وتقول نسمة مصطفي زكي 17 عاما دبلوم تجارة :" عندي صديقة رفضت تتخطب لشاب تقدم لها واحنا في الدبلوم السنة اللي فاتت وكان ابن خالتها وبيحبها جدا ، ووافقت على الخطوبة لجارها وكانت بتحبه وبعد خطوبتها،ابن خالتها استناها عند المدرسة واحنا خارجين بعد المغرب وهددها قدامنا كلنا انه مش هو اللي يترفض وهددها انه هايشوه وجهها ومش هايخلي اى حد غيره يتجوزها ".
القصاص عقوبه شرعيه :
الداعيه خالد الجندي
يقول الداعية الإسلامي الشيخ خالد الجندي: "الحد الشرعي في حالة الشخص الذي يلجأ لاستخدام مياه النار في الانتقام من غيره هو التعزير ، وذلك التعزير يكون حسب العقوبة المغلظة التي يراها القاضي والتي قد تصل إلى القتل".
ويضيف قائلا :" قد يري القاضي الشرعي أنه يجب المعاملة بالمثل ، فإذا أدى هذا الحرق الناتج عن مياه النار إلى بتر أحد أعضاء المجني عليه وفقع عينه ففي هذه الحالة تفقع عين مرتكب هذه الجريمة ويقطع الجزء المماثل للمقطوع وهذا هو الشرع الإسلامي الواجب تنفيذه في مثل تلك الجريمة".
غباء إعلامي :
تقول الدكتورة سامية خضر صالح أستاذ ورئيس قسم علم الاجتماع ـ جامعة عين شمس-:" كلما تحدثنا عن الحوادث ومايحدث بها تزيد نسبتها ؛ لأن الإنسان حيوان مقلد والشخص الذي تكون أخلاقه ليست متينة يلجأ دائما للتقليد ، واذكر هنا على سبيل المثال أن بابا شارو الإذاعي الشهير كان رجلا تربويا حيث كان يقول عندما ترسل له ام إن ابنها لايشرب اللبن ويرميه وام اخرى تقول إن ابنها يشرب اللبن وهى سعيدة به لانه شاطر كان لا يذكر قصة الولد الذي يرمي اللبن حتى لايقلده الأطفال المستمعون للبرنامج فمشكلتنا في مصر إنه توجد لدينا غباوة إعلامية حيث نركز على ذكر كل الموبقات ونعظم فيها ونقول إنها أصبحت ظاهرة".
وتضيف قائلة :" يجب الا نركز كثيرا على السلبيات ؛ حتى لا يصبح متوافرا لدى الإنسان شىء لا يعرفه فيصبح يعرفه جيدا ويقلده ، فالحديث عن السلبيات والجرائم يزيد نسبة حدوثها ، وأنا كتبت يوم الخميس 17 / 6 / 2010 في جريدة الأهرام مقالا بعنوان ( الشريان الإعلامي وبوصلة البث الثقافي ) ، حيث تحولت المذيعات إلى ندابات تبكي وتقول يا عيني وتلف شعرها للوراء وللامام خلال الكثير من البرامج.
فالانتقام بماء النار ليس جديدا على المجتمع لنقول اليوم إنه ظاهرة انتشرت مؤخرا ونركز عليها ، حيث كان هناك مطربا مشهورا فى الخمسينات وكانت هناك معجبة به ورفض أن يتزوجها فالقت عليه مياه نار ، ولذا فهي ظاهرة ليست بالجديدة على مجتمعنا ، لكن المشكلة في مصر أن إعلامنا أصبح غبي يعظم الأشياء الخطيرة ويركز عليها وهذا خطر جدا".
انتشارها يعنى انفلات امنى :
ومن جانبها ، تقول الأديبة والصحفية عفاف السيد الناشطة في مجال المرأة وحقوق الإنسان ، رئيس مجلس إدارة مؤسسة "هي" للمرأة: "أنا ضد العنف بشكل عام ولكن لا استطع أن اسمي الإنتقام باستخدام مياه النار ظاهرة منتشرة في المجتمع المصري ، فهي مجرد حالات فردية حدثت وكان لها ظروفها الخاصة ، وليس هناك تعدد لتلك الواقعة بنفس الشكل ونفس الطريقة ونفس الأداة بحيث تصل إلى نسبة معينة في المائة ثم المشكلات الأسرية نتوصل إليها من خلال عمل الأبحاث".
وتشير قائلة :" العنف بهذه الطريقة كان حالة واحدة بدافع فردي ولا نستطيع أن نعمم وندعى أنها أصبحت ظاهرة ؛ لأن هذا شكلا غير علميا حيث لا نستطع أن نرصد الأسباب الاجتماعية وراء هذا الفعل فالسبب في الواقعة الوحيدة التي حدثت كان فردي شخص فكر على قدر عقله كيف ينتقم فتوصل لتلك الطريقة ، ولكن لو أصبحت تلك الوسيلة للانتقام ظاهرة فسيكون هناك كارثة ، حيث تعني وجود تسيب أمني ، وخلل ما في العلاقة بين الرجل والمرأة وهذا غير حقيقي".
العقوبه القانونيه :
د . انور رسلان
وعن العقوبة القانونية لمرتكب جريمة الحرق بمياه النار، قال الدكتور أنور رسلان استاذ القانون بجامعة حلوان :" لا توجد عقوبة محددة منصوص عليها لمعاقبة مرتكبي تلك الجريمة ، فالقاضي الذي ينظر القضية هو الذي يحدد العقوبة التي يستحقها الجاني طبقا لظروف كل حالة والدوافع وراء الجريمة وهل يوجد سبق إصرار وترصد أم لا ، وبالتالي فقرار المحكمة يكون بناء على النص القانوني ".
ماء النار والمشاهير :
الفنانه إلهام شاهين
تعرضت الفنانة الهام شاهين في ديسمبر 1998 ، لمحاولة تشويه وجهها بماء النار المركز الذى تبين عند اختباره أنه قد يؤدى للوفاة ، حيث انتظرها الجانى وهو سائق لبنانى استأجره طليقها السابق رجل الأعمال اللبنانى عزت قدورة لأداء هذه المهمة بعد أن رفضت العودة إليه وسمع بنبأ قرب زواجها ، لكن الشرطة نجحت في انقاذ الفنانة وضبط الجانى.
الفنانه الايرانيه منه برهامي
شوه وجه الفتاة الإيرانية منة بهرامي بماء النار من قبل شاب يدعى "م.ج موفاهدي" ؛ بسبب رفضها الزواج فصمم على تشويه وجه الفتاة حتى لا تتزوج طيلة حياتها من غيره ، وأصبحت منة عمياء في عينيها الاثنتين ووجها مشوه ، ومنح القضاء الايراني وحسب القصاص في الشريعة الاسلامية الفتاة حق القصاص وتشويه وجه الشاب وتعطيل عينيه الاثنتين ، ورفضت منة تشويه وجه الشاب ولكنها تمسكت بحقها في وضع قطرات ماء النار في كلتا عينيه لكي يعيش أعمى طيلة حياته ويشعر بمدى الالم والعجز الذي تعاني منه.
عقوبات رادعة :
كانت لجنة الصحة والسكان بالبرلمان السودانى قد طالبت بوضع عقوبات رادعة لظاهرة الانتقام بمياه النار على أن تصل العقوبة إلى الإعدام، لما تفضي إليه من آثار نفسية وعاهات جسدية ، ودعت اللجنة وزارة العدل وهيئة القضاء لاتخاذ إجراءات صارمة تجاه الجناة، وتعهدت بإدراج مواد قانونية في الدستور الجديد- عقب الانتخابات - لتوفير حماية كافية للمواطنين حتى لا تتفشى هذه الظاهرة.
...................................
ارشيف الصور :
في الطريق الي المستشفي
هبه مع ابنها
والده هبه
والد هبه
الضحيه هــبــه حسني
....................................................
حسبنا الله ونعم الوكيل
اللهم انت وليها فأقتص لها في الدنيا والاخره
آمــيــــن يـــارب الــعـــالـــمـــيــن