[b] لقطات ...
ذكريات قديمه أستدعيها من حين للأخر,عندما أشعر بالحنين للأيام الجميله.
ذكريات بتفاصيلها الدقيقه,وقت أن كنت أشعر بأن للحياه شكل و مذاق مختلف,ربما لست أتحدث بما يوازي عمري البسيط,ولكني أستشعر الفارق الكبير بين هذه الأيام المتعبه و الأيام الجميله الصافيه.
أكبر همي ,أني مللت اللعبه الفلانيه و أرغب التجديد.
أكبر خلافاتي مع أخوتي,, عن ترتيب أحقيتنا في إمتلاك اللعبه الجديده التي إشتراها لنا والدنا العزيز.
أقوي أحزاني,درجه أو درجتين فارق عن الدرجه النهائيه في شهادتي الدراسيه الشهريه الحمراء المزينه من الخارج بصوره دب بني يحمل شنطته المدرسيه في نشاط و الإبتسامه تملأ وجهه الطفولي.
أكبر أحلامي ورغباتي,,أن تتركني أمي أنعم بالنوم في يوم من أيام الشتاء القارص,وأن تتركني في سريري حيث الدفئ و تعفو عني ولا تجبرني علي أن أنزل للمدرسه.
أسعد أيامي,يوم الجمعه وقت أن كان يصحبني أبي أنا و أخوتي للإستاد حيث حمام السباحه لنمرح لساعات في مياهه البارده المنعشه صباحا وحتي أن تدفئ بفعل الشمس و حركة أجسادنا الصغيره داخلها التي كانت لا تمل اللعب,ولا تتعب الحركه.
أتذكر يوم الخميس,حيث كنا نلتقي أنا و أبناء خالتي اللذان يكبراني ببضع سنوات,فقد كان هذا اليوم حيث الدفئ العائلي الذي أفتقده بشده الأن,,
حيث كنا نلعب سويا في السطوح أعلي بيت جدتي الحبيبه,ونمرح بالعجله التي يمتلكها إبن خالتي,
أتذكر أنني كنت كلما أركبها,أسقط من عليها.ويصر إبن خالتي أن أركبها وكل مره أسقط من فوقها كالعاده!!
حين كان يملئنا الحزن,لأن موعد مغادرتنا قد حان,وأننا سنترك اللعب و الحريه المطلقه لإنشغال أمي و خالتي بالأحاديث التي لا تنتهي مع جدتي!!وكنت أتعجب,,مين أين يأتي الكبار بكل هذه الكميه الهائله من الأحاديث و المشاكل التي لا تنتهي؟؟ألا لهم أن يتركوا المشكلات و يلعبوا معنا و يمرحوا؟؟
يحضر الي ذهني مشهد بكائي العنيف عندما كان يحضر إبن خالتي كائنه العجيب(دودة القز) التي كان يحضرها خصيصا ليثير بكائي ,فيسعد هو بتلك اللحظه!!
كنت أظل أنظر الي شكلها الخارجي و أتساءل لماذا لم يجعلها الله ملساء الجلد مثلنا؟ولماذا يخرج منها تلك الخيوط الناعمه البيضاء العجيبه؟
كل تلك الاسئله أسئلها لأمي,,تجيبني بأن لكل كائن خلقه الله مميزات تسعده ولا تسبب له الضيق مثلما نتميز نحن البشر بمميزات تختلف عن غيرنا من كائنات خلقها الله ولا تسبب لنا أي مشاكل.كنت أكف عن بكائي وقتها الي أن يري إبن خالتي ذلك فلا يجد أمامه من حل لأعاود بكائي سوي أن يقوم بسحق دودته المسكينه أمام عيني و هو يضحك ضحكاته الشيطانيه الطفوليه ويعدني أن لديه العشرات من الديدان في منزله سيأتي بها لي ليري بكائي الذي يثير ضحكه هو و يشعره برجولته,,الحمقاء بالتأكيد!!!!
أتذكر وقت أن كانت تخبرنا أمي بالخبر السعيد أننا سنذهب من الصباح الباكر لنقضي يومنا بالكامل عند جدتي,,
كان يغلبنا النوم بصعوبه من شدة إثارتنا إستعدادا لهذا اليوم الجميل.
نستيقظ باكرا بعد بضع ساعات من النوم الهادئ الهانئ.
نجهز ملابس بسيطه نرتديها وقت أن نبدأ مسيرة اللعب التي لا تنتهي.
نذهب باكرا ,
أتذكر بالتفصيل الرائحه المميزه للشارع الذي كانت تقطنه جدتي في ذلك الوقت,
فهي كانت تسكن جانب مسجد السيد البدوي الشهير به مدينتنا طنطا,
شارع كبير مميز بكل المقاييس.
رائحة الشاي المغلي علي جذع الشجره المحترق,فهي الطريقه المثلي لدي أهل الشارع لعمل كوب الشاي المميز وطهي الطعام الخفيف إذا إستدعي الأمر في أحيان أخري.
أتذكر جدا صوت الصاجات الشهيره التي كان يمسك بها بائع العرقسوس بيده دوما لينادي ,حتي يتجمع أمامه الماره ليروا ظمأهم.
وقتها كنت أظل أبكي لأمي بدموعي حتي تسمح لي بتذوق ذلك المشروب الساقع الأسود و لكنه ليس بالمياه الغازيه,يملئني الرغبه في أن أتذوق محتوي الدورق الغريب الشكل الذي يحمله ذلك البائع كالأم التي تحتضن طفلها الصغير وطريقته الظريفه في صب العصير الأسود كما كنت أصر أن أسميه وقتها .والنهايه كانت دوما رفض أمي لذلك خوفا علي من إصابتي بأي من تلك الأمراض المنتشره.
يدوي في أذني كلما تذكرت تلك الأيام الجميله,,صوت الألعاب المعدنيه التي كان دوما يرتديها الحصان في رقبته بناء علي رغبة صاحبه أكيد,فكان يمشي الحصان متبخترا وصوت الألعاب مميز لنا نحن الأطفال و ننظر في دهشه و فضول و كلنا رغبه في أن نركب العربه السمراء المزينه بالورود التي يجرها الحصان ,ونستمع للأغاني الصاخبه التي كان يديرها صاحب العربه الجميله.
ونظل نلعب في الشارع أمام المنزل,وننظر من حين لأخر إلي شرفة جدتي,التي كانت تظل ملازمه للشرفه للإطمئنان أننا بخير و لم نأذي أنفسنا كالعاده دوما التي تنتهي بها ألعابنا و شقاوتنا التي لا حدود لها.
ويحين موعد الغذاء,
ونصعد الدرج ونحن نتسابق,ونجري أولا علي الشرفه قبل أن نغسل أيدينا و نأكل,حتي نطعم نباتنا المفضل المعلق علي الشرفات,(شجر اللبلاب)ونلعب معه قليلا حيث الجلاجل التي علقناها عليه وكنا نسعد عندما نسمع صداها حين يحركه الهواء.
ويمرق يومنا سريعا كغيره من الأيام السعيده القليله التي نحياها,
قليله تلك الأيام السعيده حقا ,تستشعرها كأنها لحظات مهما إمتدت بك لساعات طويله.
نظل نبحث عنها بعد إنتهاءها سريعا لندرك أنها أصبحت مجرد ذكري,بسرعه لا تتناسب مع حجمها التي تملئه داخلنا!!
نعود أدراكنا الي منزلنا,لنستحم و نرتدي ثياب نومنا التي كانت تحرص أمي علي أن تكون نظيفه بإستمرار,مريحه فضفاضه,رائحتها ذكيه.ونذهب في نوم عميق بعد أن نشرب كوب اللبن الدافئ الذي كان يميز اللحظه الأخيره قبل النوم لدي يوميا.وحتي الأن....
أيام لا تنسي,,
جميله,
بسيطه,
تثير إبتسامتي حين تغلبني مسحة الحزن من حين لأخر.
شكرا لكي ذكرياتي...