مَا أجْدَرَ الأيّامَ وَاللّيَالي | بأنْ تَقُولَ مَا لَهُ وَمَا لي |
لا أنْ يكونَ هكَذا مَقَالي | فَتىً بنِيرانِ الحُروبِ صَالِ |
مِنْهَا شَرَابي وَبهَا اغْتِسَالي | لا تَخطُرُ الفَحشاءُ لي ببَالِ |
لَوْ جَذَبَ الزّرّادُ مِنْ أذْيَالي | مُخَيِّراً لي صَنْعَتَيْ سِرْبَالِ |
مَا سُمْتُهُ زَرْدَ سِوَى سِرْوَالِ | وَكَيفَ لا وَإنّمَا إدْلالي |
بِفارِسِ المَجْرُوحِ وَالشَّمَالِ | أبي شُجاعٍ قاتِلِ الأبطالِ |
سَاقي كُؤوسِ المَوْتِ وَالجِرْيالِ | لمّا أصَارَ القُفْصَ أمْسِ الخالي |
وَقَتّلَ الكُرْدَ عَنِ القِتالِ | حتى اتّقَتْ بالفَرِّ وَالإجْفَالِ |
فَهَالِكٌ وَطائِعٌ وَجَالِ | وَاقْتَنَصَ الفُرْسانَ بالعَوَالي |
وَالعُتُقِ المُحْدَثَةِ الصّقالِ | سَارَ لصَيدِ الوَحشِ في الجِبالِ |
وَفي رَقَاقِ الأرْضِ وَالرّمَالِ | على دِمَاءِ الإنْسِ وَالأوْصَالِ |
مُنْفَرِدَ المُهْرِ عَنِ الرّعَالِ | مِنْ عِظَمِ الهِمّةِ لا المَلالِ |
وَشِدّةِ الضِّنّ لا الاسْتِبْدالِ | ما يَتَحرَّكْنَ سِوَى انْسِلالِ |
فَهُنّ يُضرَبنَ على التَّصْهَالِ | كُلُّ عَليلٍ فَوْقَهَا مُخْتَالِ |
يُمْسِكُ فَاهُ خَشْيَةَ السُّعَالِ | من مَطلِعِ الشّمسِ إلى الزّوالِ |
فَلَمْ يَئِلْ ما طارَ غَيرَ آلِ | وَمَا عَدا فانغَلّ في الأدْغالِ |
وَمَا احتَمَى بالماءِ وَالدِّحَالِ | مِنَ الحَرَامِ اللّحْمِ وَالحَلالِ |
إنّ النّفُوسَ عَدَدُ الآجَالِ | سَقْياً لدَشْتِ الأرْزَنِ الطُّوَالِ |
بَينَ المُرُوجِ الفِيحِ وَالأغْيَالِ | مُجاوِرِ الخِنْزِيرِ للرّئْبَالِ |
داني الخَنانيصِ مِنَ الأشْبَالِ | مُشْتَرِفِ الدّبّ عَلى الغَزَالِ |
مُجتمِعِ الأضْدادِ وَالأشكالِ | كَأنّ فَنّاخُسْرَ ذا الإفْضَالِ |
خَافَ عَلَيْهَا عَوَزَ الكَمَالِ | فَجَاءَهَا بالفِيلِ وَالفَيّالِ |
فَقِيدَتِ الأيّلُ في الحِبَالِ | طَوْعَ وُهُوقِ الخَيلِ وَالرّجالِ |
تَسيرُ سَيرَ النَّعَمِ الأرْسَالِ | مُعْتَمّةً بيَبِسِ الأجْذالِ |
وُلِدْنَ تحتَ أثْقَلِ الأحْمَالِ | قَدْ مَنَعَتْهُنّ مِنَ التّفَالي |
لا تَشْرَكُ الأجْسامَ في الهُزالِ | إذا تَلَفّتنَ إلى الأظْلالِ |
أرَيْنَهُنّ أشْنَعَ الأمْثَالِ | كَأنّمَا خُلِقْنَ لِلإذْلالِ |
زِيادَةً في سُبّةِ الجُهّالِ | وَالعُضْوُ لَيسَ نافِعاً في حَالِ |
لِسَائِرِ الجِسْمِ مِنَ الخَبَالِ | وَأوْفَتِ الفُدْرُ مِنَ الأوْعَالِ |
مُرْتَدِياتٍ بِقِسِيِّ الضّالِ | نَوَاخِسَ الأطْرَافِ لِلأكفَالِ |
يَكَدْنَ يَنْفُذْنَ منَ الآطالِ | لهَا لِحىً سُودٌ بِلا سِبَالِ |
يَصْلُحنَ للإضْحاكِ لا الإجْلالِ | كُلُّ أثِيثٍ نَبْتُهَا مِتْفَالِ |
لم تُغْذَ بالمِسْكِ وَلا الغَوَالي | تَرْضَى من الأدْهانِ بالأبْوَالِ |
وَمِنْ ذَكيّ الطّيبِ بالدَّمَالِ | لَوْ سُرّحَتْ في عارِضَيْ مُحتالِ |
لَعَدّهَا مِنْ شبكاتِ المَالِ | بَينَ قُضَاةِ السّوْءِ وَالأطفَالِ |
شَبيهَةِ الإدْبَارِ بالإقْبَالِ | لا تُؤثِرُ الوَجهَ على القَذَالِ |
فاخْتَلَفَتْ في وَابِلَيْ نِبَالِ | مِنْ أسْفَلِ الطّوْدِ وَمن مُعَالِ |
قَدْ أوْدَعَتْهَا عَتَلُ الرّجَالِ | في كلّ كِبْدٍ كَبِدَيْ نِصَالِ |
فَهُنّ يَهْوِينَ مِنَ القِلالِ | مَقْلُوبَةَ الأظْلافِ وَالإرْقالِ |
يُرْقِلْنَ في الجَوّ على المَحَالِ | في طُرُقٍ سَرِيعَةِ الإيصالِ |
يَنَمْنَ فيهَا نِيمَةَ المِكسَالِ | على القُفِيّ أعْجَلَ العِجالِ |
لا يَتَشَكّينَ مِنَ الكَلالِ | وَلا يُحاذِرْنَ مِنَ الضّلالِ |
فكانَ عَنهَا سَبَبَ التّرْحالِ | تَشْوِيقُ إكْثَارٍ إلى إقْلالِ |
فَوَحْشُ نَجْدٍ منْهُ في بَلْبَالِ | يَخَفْنَ في سَلمى وَفي قِيَالِ |
نَوَافِرَ الضِّبَابِ وَالأوْرَالِ، | وَالخاضِبَاتِ الرُّبْدِ وَالرِّئَالِ |
وَالظّبيِ وَالخَنْسَاءِ وَالذَّيّالِ | يَسْمَعْنَ من أخبارِهِ الأزْوَالِ |
ما يَبعَثُ الخُرْسَ على السّؤالِ | فَحُولُهَا وَالعُوذُ وَالمَتَالي |
تَوَدّ لَوْ يُتْحِفُهَا بِوَالِ | يَرْكَبُهَا بالخُطْمِ وَالرّحالِ |
يُؤمِنُهَا مِنْ هَذِهِ الأهْوَالِ | وَيَخْمُسُ العُشْبَ وَلا تُبَالي |
وَمَاءَ كُلِّ مُسْبِلٍ هَطّالِ | يا أقْدَرَ السُّفّارِ وَالقُفّالِ |
لوْ شِئتَ صِدتَ الأُسدَ بالثّعالي | أوْ شِئتَ غرّقتَ العِدَى بالآلِ |
وَلَوْ جَعَلْتَ مَوْضِعَ الإلالِ | لآلِئاً قَتَلْتَ بِاللآّلي |
لم يَبْقَ إلاّ طَرَدُ السّعَالي | في الظُّلَمِ الغَائِبَةِ الهِلالِ |
على ظُهُورِ الإبِلِ الأُبّالِ | فَقَدْ بَلَغْتَ غايَةَ الآمَالِ |
فلَمْ تَدَعْ منها سِوَى المُحالِ | في لا مَكانٍ عِندَ لا مَنَالِ |
يا عَضُدَ الدّوْلَةِ وَالمَعَالي | ألنّسَبُ الحَلْيُ وأنْتَ الحالي |
بالأبِ لا بالشَّنْفِ وَالخَلْخالِ | حَلْياً تَحَلّى مِنْكَ بالجَمَالِ |
وَرُبّ قُبْحٍ وَحِلًى ثِقَالِ | أحسَنُ منها الحُسنُ في المِعطالِ |
فَخْرُ الفَتى بالنّفسِ وَالأفْعَالِ | مِنْ قَبْلِهِ بالعَمّ وَالأخْوَالِ |
صِلَةُ الهَجْرِ لي وهَجرُ الوِصالِ | نَكَساني في السُّقمِ نُكسَ الهِلالِ |
فَغَدا الجِسْمُ ناقِصاً والذي يَنْـ | ـقُصُ مِنْهُ يَزيدُ في بَلْبَالي |
قِفْ على الدِّمْنَتَينِ بِالدَّوِّ من رَيّـ | ـا كَخالٍ في وجنةٍ جنبَ خالِ |
بطُلُولٍ كأنّهُنّ نُجُومٌ | في عِراصٍ كأنّهُنّ لَيَالِ |
وَنُؤيٍّ كأنّهُنّ عَلَيْهِـ | ـنّ خِدامٌ خُرْسٌ بسُوقٍ خِدالِ |
لا تَلُمْني فإنّني أعْشَقُ العُشّـ | ـاقِ فيها يا أعْذَلَ العُذّالِ |
ما تُريدُ النّوَى منَ الحَيّةِ الذوّ | اقِ حَرَّ الفَلا وبَرْدَ الظّلالِ |
فهوَ أمضَى في الرّوْعِ من مَلَكِ الموْ | تِ وأسرَى في ظُلمةٍ من خيالِ |
ولحَتْفٍ في العِزّ يَدْنُو مُحِبٌّ | ولعُمْرٍ يَطُولُ في الذّلّ قالِ |
نحنُ رَكْبٌ مِلْجِنِّ في زيّ ناسٍ | فوْقَ طَيرٍ لها شخوصُ الجِمالِ |
من بَناتِ الجَديلِ تَمشي بنا في الـ | ـبيدِ مَشْيَ الأيّامِ في الآجالِ |
كُلُّ هَوْجاءَ للدّياميمِ فيها | أثَرُ النّارِ في سَليطِ الذُّبَالِ |
عامِداتٍ للبَدْرِ والبَحْرِ والضِّرْ | غامَةِ ابنِ المُبارَكِ المِفْضالِ |
مَنْ يَزُرْهُ يَزُرْ سُلَيْمانَ في الملْـ | ـكِ جَلالاً ويُوسُفاً في الجَمَالِ |
ورَبيعاً يُضاحِكُ الغَيثُ فيهِ | زَهَرَ الشّكْرِ من رِياضِ المَعالي |
نَفَحَتْنَا منهُ الصَّبَا بنَسيمٍ | رَدّ روحاً في مَيّتِ الآمَالِ |
هَمُّ عَبدِ الرّحم?نِ نَفعُ المَوالي | وبَوارُ الأعْداءِ والأمْوالِ |
أكبرُ العَيبِ عندَهُ البُخلُ والطّعْـ | ـنُ عَلَيْهِ التّشْبيهُ بالرّئْبَالِ |
والجِراحاتُ عِندَهُ نِعَمَاتٌ | سُبِقَتْ قَبلَ سَيْبِهِ بِسُؤالِ |
ذا السّراجُ المُنِيرُ هذا النّقيُّ الـ | ـجَيْبِ هذا بَقِيّةُ الأبْدالِ |
فَخُذا ماءَ رِجْلِهِ وانْضِحا في الـ | ـمُدْنِ تأمَنْ بَوائِقَ الزّلْزَالِ |
وامْسَحَا ثَوْبَهُ البَقيرَ على دا | ئِكُما تُشْفَيَا مِنَ الإعْلالِ |
مالِئاً مِنْ نَوالِهِ الشّرْقَ والغَرْ | بَ ومن خَوْفِهِ قُلوبَ الرّجالِ |
قابِضاً كَفّهُ اليَمينَ على الدّنْـ | ـيَا ولَوْ شاءَ حازَها بالشّمالِ |
نَفْسُهُ جَيْشُهُ وتَدْبيرُهُ النّصْـ | ـرُ وألحاظُهُ الظُّبَى والعَوالي |
ولَهُ في جَماجِمِ المالِ ضَرْبٌ | وَقْعُهُ في جَماجِمِ الأبْطالِ |
فَهُمُ لاتّقائِهِ الدّهْرَ في يَوْ | مِ نِزالٍ ولَيسَ يَوْمُ نِزالِ |
رَجُلٌ طِينُهُ منَ العَنبَرِ الوَرْ | دِ وطينُ العِبادِ مِنْ صَلْصَالِ |
فَبَقِيّاتُ طِينِهِ لاقَتِ المَا | ءَ فَصارَتْ عُذوبَةً في الزُّلالِ |
وبَقايا وقارِهِ عافَتِ النّا | سَ فصارَتْ رَكانَةً في الجِبالِ |
لَستُ ممّنْ يَغُرّهُ حُبُّكَ السِّلْـ | ـمَ وأنْ لا تَرَى شُهودَ القِتالِ |
ذاكَ شيءٌ كَفاكَهُ عَيشُ شانيـ | ـكَ ذَليلاً وقِلّةُ الأشْكالِ |
واغْتِفارٌ لَوْ غَيَّرَ السُّخطُ منْهُ | جُعِلَتْ هامُهُمْ نِعالَ النّعالِ |
لجِيادٍ يَدْخُلْنَ في الحَرْبِ أعرا | ءً ويخرُجنَ مِن دَمٍ في جِلالِ |
واسْتَعارَ الحَديدُ لَوْناً وألْقَى | لَوْنَهُ في ذَوائِبِ الأطْفالِ |
أنتَ طَوراً أمَرُّ مِنْ ناقِعِ السّمّ | وطَوْراً أحْلى مِنَ السّلْسالِ |
إنّما النّاسُ حَيثُ أنْتَ وما النّا | سُ بناسٍ في مَوْضِعٍ منكَ خالِ |